كعادتها "دمشق" شكلت الإلهام الأول لأهل الفن بمختلف أطيافهم، والفنانة التشكيلية، ومصممة الديكور "رهام الهبري"، ممن تأثروا بكينونة المدينة القديمة، فانسكبت ألوانها على اللوحات لتعكس انتماءها وتعلقها بهذه المدينة.
مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "رهام الهبري" بتاريخ 20 شباط 2014، وبدايةً تحدثت عن سبب اختيارها للفن التشكيلي بقولها: «اختياري للفن التشكيلي كان بناءً على الموهبة التي ظهرت لدي منذ نعومة أظفاري، حيث بدأتُ أخط أولى رسوماتي في عمر أربع سنوات، ويعود الفضل إلى والديّ في تنمية هذه الموهبة فهما أخذا بيدي، وشجعاني للاهتمام أكثر، فضلاً عن إشراكي في دورات خاصة بالرسم حتى اشتد عودي. وبعد حصولي على المركز الأول في الرسم على مستوى "سورية"، تقدمت إلى مركز "أدهم إسماعيل" للفنون التشكيلية في العام 1999، وتخرجت في العام 2002، لأبدأ مشواري في عالم الفن التشكيلي عبر المشاركة في معارض متعددة فردية وجماعية، ومازلت أسعى إلى تطوير عملي عبر تصورات وأفكار جديدة».
هي فنانة مبدعة تملك حساً عالياً في التصوير، وموهبة فريدة في إيصال أفكارها إلى المتلقي ببساطة وليونة
وتابعت: «بالنسبة إلى مركز "أدهم إسماعيل" فرحلتي معه بدأت منذ صغري عبر مشاركتي في الدورات الخاصة بالأطفال، التي اكتسبت منها الكثير من الخبرات، أهمها الجرأة في الرسم والتلوين، وبعض خطوط المنظور البسيطة، وكان مركز "أدهم إسماعيل" بديلاً لي من كلية الفنون الجميلة التي تقدمت إليها واجتزت امتحانها بتفوق، وكنتُ من الأوائل من أصل خمسة آلاف متقدم، ورغم ذلك لم يكتب لي متابعة الدراسة فيها، فأكملت الرحلة عندما دخلت في دورات المحترفين عام 1999 بعد اجتيازي لمسابقة القبول بنجاح ومن أول مرة، ودرست في المركز على أيدي خيرة الفنانين والمدرسين، الذين كانت لهم أياد بيضاء في تطوير وتهذيب عملي الفني للانتقال به من مستوى الهواية إلى مستوى الاحتراف، حيث أتقنت في المركز تقنيات الرسم المختلفة "الرصاص - الفحم - الباستيل الطبشور- المائي - الزيتي"، ودون شك مركز "أدهم إسماعيل" من أهم المدارس والمراكز الفنية في "سورية"، وله دور كبير في تنمية ورعاية المواهب».
وفيما يخص تجربتها في تصميم الديكور تقول: «بعد التخرج في مركز "أدهم إسماعيل"، وانخراطي في العمل الفني والثقافي في مجال الفنون التشكيلية، بدأتُ أميل إلى تصميم الديكور، واتبعت مجموعة كبيرة من الدورات على برامج التصميم الطباعي والإعلاني والهندسي، والتصوير الضوئي والتلفزيوني، وبدأت العمل في مجال تصميم الديكور الداخلي والخارجي، وكنتُ أتابع أحدث التطورات التي كانت تدخل إلى فن الديكور، وأشاهد المعارض التخصصية في هذا المجال، ومن خلال الكثير من الأعمال التي قمت بها في تصميم الديكور، وجدت أن الفنان التشكيلي بما يملكه من عين فنية حساسة للألوان والضوء والجمال، هي الأقدر على صنع اختلاف في عالم الديكور».
أما عن تأثير "دمشق" في أعمالها ولوحاتها، فقالت: «الملهم الأول في أعمالي كانت "دمشق" بعراقتها وجمالها اللامتناهي، فشكلت بالنسبة لي مساحة من التكوينات والألوان كلما أبحرت بين أزقتها وجدت فيها جمالاً لم أعبر عنه بعد في لوحاتي، وكما تعلم فالفنان وليد بيئته ويتأثر بها، ولكوني أنتمي إلى عائلة دمشقية عريقة فإن عشق "دمشق" يتغلغل في عروقي، ويشدني جمالها وسحرها الذي يتجدد في كل لوحة من لوحاتي».
وترى "رهام" أن "دمشق" بالنسبة لها ليست أزقة وحارات وجدران أثرية قديمة، وليست مجرد قباب ومقامات ونافورة ماء هنا وهناك، لكنها تاريخ وحكايا وحب لا ينتهي، وتضيف: «حين أرسم "دمشق" فأنا أرسم الحب فيها، وأرسم العراقة، وأرسم السحر الذي يملأ قلب كل من زارها عبر التاريخ وحتى الآن، وأتمعن في الحكايا خلف الجدران، وفي عبق الياسمين وصوت الحمام الذي تتغنى به البيوت الدمشقية،
بالنسبة لي "دمشق" حكاية طويلة لم أكتب منها بعد إلا بضع صفحات من خلال لوحاتي».
أسلوبها الشخصي في الرسم تتحدث عنه بالقول: «أعمل دوماً على تطوير أسلوبي في العمل الفني التشكيلي، لأصل إلى أسلوب خاص بي أتميز به عن غيري، حيث بدأت أرسم بطريقة واقعية، وانتقلت بعد فترة إلى الاختزال شيئاً فشيئاً معتمدة على التركيب والخروج من قيود المعمارية، لأصنع تراكيب للبيوت الدمشقية بطريقة العناق وكأن اللوحة تروي لك حكاية، وكأن اللوحة تنظر إليك كما أنت تنظر إليها،
أردت أن أكسر نمط اللوحة التقليدية فكانت بداية لأسلوب وجدت فيه مساحة للتعبير أوسع وأعمق».
أما عن اختيارها للألوان، فتقول: «ليس لدي لون خاص مفضل في أعمالي، فأنا أوظف اللون الصحيح في المكان الذي يجب أن يكون فيه، وأحاول أن أجعله مميزاً عبر التلاعب به ودمجه مع ألوان متعددة، ومن خلال الظل والنور وبقية الأساليب المستخدمة. وقد تأثرت بالكثيرين من الفنانين السوريين، من أمثال: "لؤي كيالي، فاتح المدرّس، وليد قارصلي، عمر حمدي، محمد غنوم"، وما يميزهم من وجهة نظري امتلاكهم أسلوبهم الشخصي وإبداعاتهم في الفن التشكيلي، وهم دون شك مدارس حقيقية للفن في "سورية"».
تنظر "رهام" نظرة تفاؤل إلى واقع الفن التشكيلي الشبابي في "سورية" فتقول: «"سورية" غنية بالفنانين الشباب المبدعين، وهم يشكلون إرثاً لأجيال ذهبية صنعت تاريخاً فنياً عظيماً، وهذا يجعل منهم طاقات إبداعية واعدة وقادرة على ابتكار أساليب جديدة تغني الفن التشكيلي السوري».
ويصف الشاعر والكاتب "عبد الكريم السعدي" الفنانة "رهام الهبري" بقوله: «هي فنانة مبدعة تملك حساً عالياً في التصوير، وموهبة فريدة في إيصال أفكارها إلى المتلقي ببساطة وليونة».
يذكر أن الفنانة من مواليد العام 1980، تعمل في تعليم الفنون، ونالت العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها جائزة المركز الأول على مستوى "سورية" في الرسم، وشهادة تقدير في مسابقة تشرين للفنون التشكيلية، وشهادة شكر للمشاركة في المهرجان العالمي الـ 15 للشباب والطلبة الذي أقيم في "الجزائر"، وشهادة تقدير من متحف "طه طه" للفنون التشكيلية.
وهي تتقن ثلاث لغات، وسبق لها المشاركة في عدد كبير من المعارض الفردية والجماعية، نذكر منها:
المشاركة في المعارض الجماعية التي تقيمها وزارة الثقافة، واتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، منذ عام 2003، ومشاركة دائمة في جميع معارض تجمع توتول للفنون التشكيلية منذ عام 2006، وشاركت في معرض شموع وتشكيل في المركز الثقافي الروسي بـ"دمشق" عام 2003، ومعرض متحف "طه طه" للفنون التشكيلية في مدينة "الرقة" عام 2004، ومعرض البعثة السورية في "الجزائر" عام 2005، معرض فنانات سوريات في صالة نقابة المهندسين بـ"دمشق" عامي 2010 و2011.