من الأسماك المهاجرة التي يتم اصطيادها عبر شباك التحويق وفق خطة ذكية يديرها الصياد المحترف على عدة مراحل، ليسعد بعدها بحصوله على هذه السمكة اللذيذة الطعم.

إنه سمك "البوري" الذي يعد من الأنواع الجيدة من حيث الطعم ونسبة اللحم الموجودة فيه، وهو من الأسماك المتوافرة في البحر المتوسط وخاصة في المناطق القريبة من الشعاب الصخرية والمناطق التي تعرف بـ"البور"، ولكن لصيده طرق مميزة في منطقة "الخراب" و"طرطوس".

بشكل عام يبدأ موسم تفقيس بيوض الأسماك في فصل الربيع، وهنا يبتعد الصيادون تلقائياً عن الصيد، وينتظرون ريثما تنمو وتكبر الفراخ ليتم بعدها صيدها بكميات كبيرة

مدونة وطن eSyria التقت عدداً من الصيادين بتاريخ 10/10/2012، ومنهم الصياد "عوض الظروف" من قرية "الخراب" الذي تحدث عن طبيعة حياة سمك "البوري" بالقول: «تعتبر أسماك البوري من الأسماك الذكية والحساسة لمحيطها بشكل جيد ولافت للانتباه، فكثيراً ما يصعب على الصياد توفير الظروف المناسبة لصيدها، خاصة أنها تحتاج لشروط خاصة لإتمام مهمة صيدها، وذلك من ناحية أداة الصيد وطريقة استخدامها وطريقة تحضير الطعم ومعرفة عمق المياه الموجود فيها السمك، فهو لا يحب الأعماق الكبيرة.

الصياد "عوض"

أضف إلى ذلك توجد أوقات خاصة على صعيد اليوم الواحد ومواسم الصيد بشكل عام لصيده، فمثلاً لا يمكن القيام بعملية الصيد في وقت الظهيرة، وإنما أفضل أوقات اصطياده هي فترة المساء والصباح الباكر».

وعن أنواع سمك "البوري" يذكر بالقول: «يوجد من سمكة "البوري" نوعان الأول قوي ويقفز فوق شباك الصيد المنصوبة له والمسماة "التحويقة"، وهو على عدة أجناس أيضاً منها كما هو معروف بلغة الصيد "بوري دهباني" و"بوري أفطس" و"بوري بلدي"، أما النوع الثاني فهو عادي يسمى "بوري لبت" لا يستطيع القفز فوق شبكة الصيد».

الصياد "سامر الظروف" يحدثنا عن طريقة صيد سمكة "البوري" بالقول: «من أهم طرق صيد سمكة "البوري لبت" شبكة "التحويقة" وهي عبارة عن شباك خاصة يتناسب فيها وزن التقالات "الرصاصات" مع قوة طفو الفواشات فوق سطح البحر، فبعد إدراك تجمع سمكة "البوري" يتم فرش الشبك بشكل عمودي بفضل تناسب الفواشات والتقالات حول سرب التجمع ليصبح السرب داخل تحويقة الشبك، وبعدها يتم نصب شباك في داخل التحويقة بشكل مستقيم لتقسيم التحويقة إلى أصغر مساحات ممكنة، بهدف تضييق المساحة التي يمكن أن يتحرك فيها السمك ضمن التحويقة، ومن ثم يُنزل إلى المياه ضمن التحويقة ليصار إلى صيد الأسماك واحدة تلو الأخرى بواسطة الشوكة البحرية، أو في حالة أخرى يتم جمع شبك التحويق من الأسفل لتصبح بشكل كأس محكم الجوانب، وهنا يصار إلى اصطيادها دفقة واحدة عبر سحبها إلى ظهر القارب، وهذا في حال توافرت هذه الشبكة.

أما لاصطياد بقية الأنواع والتي تملك القدرة على القفز فوق التحويقة فيتم بعد نصب التحويقة وضع شبكة تحيط بخارج التحويقة من جميع الجوانب وتسمى الفخ، وهي عبارة عن شبكة معقدة من نبات القصب الذي يطفو فوق المياه، ليستقر فوقها السمك بعد قفزه، ولا يدرك طرق الهروب منها».

أما الصياد "علي ملحم" فيحدثنا عن أهمية هذه السمكة ضمن الوجبات الغذائية البحرية، بالقول: «تعتبر سمكة "البوري" من الأسماك الشعبية المحببة والمطلوبة من قبل جميع شرائح المجتمع، فهي تطهى وفق حجم حبتها، فالأسماك الصغيرة التي يبلغ طولها بحدود ثلاثين سنتيمتراً تستخدم للقلي، أما الكبيرة التي يمكن أن يصل طولها إلى حوالي السبعين سنتيمتراً فيمكن أن تسلق وتفتت إلى قطع لحم صغيرة لصناعة وجبة الصيادية التراثية، أو يمكن أن تقطع لشرائح رقيقة تقلى بزيت الزيتون على نار هادئة».

ويختم الصياد "علي" حديثه بتوضيح موسم صيد سمكة "البوري" حيث يقول: «بشكل عام يبدأ موسم تفقيس بيوض الأسماك في فصل الربيع، وهنا يبتعد الصيادون تلقائياً عن الصيد، وينتظرون ريثما تنمو وتكبر الفراخ ليتم بعدها صيدها بكميات كبيرة».