يعتبر مشهد الإمام "الحسين" واحداً من أهم الرموز الدينية في مدينة "حلب" والتي يقصدها آلاف الزائرين سنوياً من كل أنحاء العالم، وبما أن شهر رمضان المبارك سيحل خلال عشر السنوات المقبلة متزامناً مع فصل الصيف، ما يجعل الاهتمام بالمراكز الدينية باعتبارها واحدة من أهم الأماكن السياحية، وبتعبير آخر تنشيط الحركة السياحية الدينية.
مع انطلاقة شهر رمضان المبارك والتي صادفت 11/8/2010م قمنا بزيارة مشهد الإمام الحسين في مدينة "حلب" حاولنا خلاله رصد الحركة السياحية الدينية فيه واستعداده لاستقبال الزوار، فالتقينا بالسيد "إبراهيم نصر الله" وهو أحد المشرفين على المشهد وخدمته حيث قال: «حينما وصل أسرى "آل محمد" إلى "حلب" مروا بقرب دير يدعى "دير مارت مروثا" وكان ديرا صغيرا مؤلفا من غرفتين صغيرتين، شاهد راهب الدير قبيل الغروب موكب الرسالة ونظر إلى رأس الإمام "الحسين" الشريف على رمح طويل والنور يسطع منه إلى عنان السماء، فطلب الراهب من الموكلين بالأسرى أن يبيت الرأس الشريف تلك الليلة في ذلك الدير حتى الصباح، مقابل أن يدفع لهم عوضا عن ذلك عشرة آلاف درهم، وضع الراهب الرأس الشريف على هذه الصخرة التي صبغتها من دمه الطاهر، وجلس أمامه يخاطبه باكيا حتى الصباح حيث أخذوا الرأس منه وتابعوا مسيرهم إلى "دمشق" بعد أن أسلم ببركته ولما ظهر له من كرامات».
للأسف تتأخر السياحة الدينية في "حلب" رغم أهميتها إلى مرتبة متدنية نوعاً ما لأسباب مختلفة وهذا يعود إلى طبيعة تركيبة المجتمع في سورية الذي يفضل زيارة المناطق الساحلية ورؤية منظر البحر والجبل وغيرها، على خلاف الناس في إيران مثلاً أو العراق أو الأردن وتركيا الذين يؤمون المراكز الدينية ويقيمون رحلات متعددة وبرامج سياحية منتظمة في كل موسم، وسورية تستضيف العديد من أهم المراكز الدينية في العالم لذلك يجب الاهتمام بها أكثر مما هو عليه الآن بطبيعة الحال
وعن تاريخ بناء هذا المشهد حدثنا السيد "نصر الدين" قائلا: «كان ذلك على عهد عهد "سيف الدولة الحمداني الذي شغف بهذا المكان فكان قبلة له في حله وترحاله، منه يخرج إلى غزو "الروم" وإليه يعود قبل أن يدخل قصره، ثم توالت العمارات والإصلاحات من قبل ولاة "حلب" وسلاطينها وأبناء المدينة ضمن فترات زمنية متقطعة في عهد السلاجقة والأيوبيين، وعن أهم الأحداث التي مرت على هذا المكان قال السيد "نصر الدين": «في أواخر الدولة العثمانية حدث انفجار عظيم في المكان نتيجة وضع الذخيرة فيه، حدث ذلك سنة /1920/ فتطايرت أحجار المشهد حتى وصل بعضها إلى حارة "الجلوم" التي تبعد مسافة/2كم/ وحفاظا على الصخرة تم نقلها إلى مشهد "المحسن".
بقي المشهد مهدما حتى سنة/1960/ حيث تبنت المرجعية الشيعية العليا إعادة "مشهد النقطة" وبإيعاز منها وتشجيع ودعم من المسؤولين في سورية تشكلت "جمعية الإعمار والإحسان الإسلامية الجعفرية لإعادة بناء المشهد فأعادت بناء المشهد كما كان عليه قبل الانفجار، وكذلك أعادت الصخرة إلى مكانها، وجرى الترميم والبناء في الصحن الخارجي».
يستقبل المشهد زائريه في كل أيام الأسبوع دون استراحة والمشهد مخدم بكل وسائل الراحة والأمان حيث يحتوي على نقطة طبية بداخله تقوم على رعاية وخدمة الزائرين.
السيد "حسن نجار" يحدثنا عن تجربته في زيارة المشهد في فترة الصيف مع مجموعة من الأطفال الصغار فيقول: «مع قدوم فترة الصيف واستراحة المدارس أصبح التفكير ينحصر بمشاريع سياحية داخلية وكان اختيارنا قد وقع على زيارة مشهد "الإمام الحسين" بـ"حلب" باعتباره من أهم المعالم الدينية السياحية، الرحلة في كادرها ضمت /16/ طالباً وبالأصل هم من منتسبي معهد الأسد لتحفيظ القرآن في مدينة "نبل" وكانت لفتة طيبة من أهالي الطلبة الذين شجعونا للقيام بهذه الخطوة، في هذه الزيارة حاولنا تقديم لمحة صغيرة للأطفال عن هذا المعلم الديني وما يحويه كما أقمنا لهم صلاة جماعة عند أذان الظهر قام أحد الأطفال بتأدية دور الإمام ورغم بدائية الحركة إلا أنها ستترك أثراً كبيراً في نفوسهم، وتبقى مسألة الخروج بمشروع سياحي للطفل بعيد عن مكان إقامته له أهميته ونكهته الخاصة بالنسبة له خصوصاً إذا كان يحمل في طياته الطابع العفوي».
السيد "خليل شربو" كان أحد المرافقين للرحلة فسألناه عن رؤيته للسياحة الدينية في "حلب" وعن مستقبلها فقال: «للأسف تتأخر السياحة الدينية في "حلب" رغم أهميتها إلى مرتبة متدنية نوعاً ما لأسباب مختلفة وهذا يعود إلى طبيعة تركيبة المجتمع في سورية الذي يفضل زيارة المناطق الساحلية ورؤية منظر البحر والجبل وغيرها، على خلاف الناس في إيران مثلاً أو العراق أو الأردن وتركيا الذين يؤمون المراكز الدينية ويقيمون رحلات متعددة وبرامج سياحية منتظمة في كل موسم، وسورية تستضيف العديد من أهم المراكز الدينية في العالم لذلك يجب الاهتمام بها أكثر مما هو عليه الآن بطبيعة الحال».